Bookmark and Share 




شرح الحديث الثالث عشر من أحاديث الأربعين النووية

للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى



الدرس
(11)شرح حديث رقم: (13- 14- 15- 16)

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ: عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: ذكر بعض الشراح أن الطيب من أسماء الله استدلالاً بهذا الحديث فما مأخذ استدلاله؟
ذكرنا أن هذا قول لبعض أهل العلم، وأن من أهل العلم من ذكره في الأسماء الحسنى، ومنهم من يقول: إن هذا جاء على سبيل الإخبار، ولا تثبت التسمية بخبر ما لم ينص على أنه اسم؛ لأن دائرة الأخبار أوسع، والأمر في هذا فيه سعة -إن شاء الله-.
يقول: توجد خاصية في أجهزة الحاسب الآلي توفر لك البحث عن شبكات الاتصال في الإنترنت، وبعض الناس إذا بحث عن الشبكات ربما يحصل عليها من جيرانه، أو ممن يستخدمون الإنترنت ممن هم قريبون منه، يقول: هل يجوز أن أستخدم هذه الشبكة وأتصل منها بالإنترنت بدون علم صاحبها الأساسي، وبعضهم يقول: إن صاحبها لم يضع الرقم السري للشبكة مما يعني أنه موافق لمن يبحث عن الشبكات أن يستفيد منها، ولكن هو لا يعلم هل أحد استفاد من شبكته؟ هل هذا الفعل يعتبر من التعدي على مال المسلم؟
على كل حال إذا كان المشترِك الذي دفع المال للاشتراك يستخدمها في الخير، ويتضرر من استخدامك لاشتراكه فهذا لا يجوز، أما إذا كان يستخدم هذا الاشتراك في غير الخير فلا مانع من مزاحمته حينئذٍ، وتقليل الشر بالنسبة له، ولو تضرر بذلك، هذا إن كان يستعملها في غير الخير، وإذا كان لا يتضرر بذلك فالأمر فيه سعة -إن شاء الله-.
نعم يقول: ذكر بعض الشراح أن تشديد الذال في غذي غلط مع أنها وردت في المصابيح مشددة فما الصواب في ذلك؟
هل وردت في المصابيح قال: بتشديد الذال المعجمة، أو ضبطت بالشكل وعليها شدة؟ الشراح قاطبة يقولون: بالتخفيف.
هذا يقول: نود توجيه كلمة عن الإجازة وما ينبغي للإنسان أن يعمل فيها؟
الإجازة كما هو معلوم نوع من الفراغ بالنسبة للارتباط الرسمي، والفراغ من نعم الله -جل وعلا- للإنسان، وكثير من الناس مغبون في هذه النعمة بحيث تضيع أوقاته سدى ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)) هذا الفراغ من الارتباط الرسمي الذي يوفر لك الوقت؛ لتتقرب إلى الله -جل وعلا- بما ينفعك في دينك ودنياك، فالعاقل الذي عرف حقيقة هذه الدنيا، وعرفة حقيقة عمر الإنسان، وأنه دقائق وثوان تتصرم شيئاً فشيئاً إلى أن يقال: فلان مات، فماذا قدم في هذه الدقائق وهذه الثواني؟ غراس الجنة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، لا يكلفه شيئاً، كل جملة سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر شجرة في الجنة، هذا بدلاً من أن تمكث السنين في انتظار هذه الشجرة لتثمر من شجر الدنيا التي قد تثمر وقد لا تثمر، سبحان الله شجرة، مضمونة،
((الجنة قيعان، وغراسها التسبيح والتحميد والتهليل)) هذا لا يكلف شيء، فكثير من الناس مغبون تضيع هذه الأوقات دون أن يستغلها فيما يرضي الله ويقربه إليه، طالب العلم عليه أن يرتب هذا الوقت من صلاة الفجر إلى قدوم النوم في المساء، يقسم هذا الوقت على حسب الفنون والعلوم، ويحفظ ما يستطيع حفظه ويقرأ من الكتب ما يستطيع، ويحضر من الدروس ما يقدر عليه، ويضيف إلى ذلك الأعمال الأخرى من نوافل الصيام والصلاة والصدقة والبر والصلة وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز وغير ذلك، قد يقول قائل: الوقت لا يستوعب، نقول: الوقت يستوعب، والموفق من وفقه الله -جل وعلا- لاستغلال وقته، والله المستعان.
يقول: قوله: ((ما لا يعنيه)) هل يشمل الأقوال أو الأفعال أو الاعتقادات؟ أو مقيد بالكلام لرواية: ((من حسن إسلام المرء قلة الكلام بما لا يعنيه))؟
يعني التنصيص على الكلام لا ينفي ما عداه؛ لأنه فرد من أفراد (ما) التي هي للعموم، ما لا يعنيه من أي شيء، ينصرف عنه، ويهتم بما ينفعه، التنصيص على الكلام لأهميته، التنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص.
يقول: هل المضاعفة فيما زاد على العشر حسنات لا يكون إلا لمن حسن إسلامه كما في رواية مسلم؟
نعم المضاعفة إلى العشر لكل مسلم، ويبقى أن المضاعفات الكثيرة على حسب قوة الإيمان، وصدق اليقين وصحة العمل وحسن الإسلام، إلى سبعمائة ضعف، وجاء في خبر مخرج في المسند وغيره، وهو مضعف عند أهل العلم، لكن أهل العلم يتداولونه في مثل هذا الباب يقولون: "إن الله ليضاعف لبعض عباده الحسنة إلى ألفي ألف حسنة" مليوني حسنة، فضل الله لا يحد، والحديث ضعيف.
هذا من بريطانيا يقول: يكثر عندنا تربية القطط في البيوت، فما حكم إطعامها من لحوم الميتة؟
أولاً: تربية القطط معروف أن لها وعليها، تنجس الأماكن وهي من الطوافين يحسن إليها بلا شك، وتأكل الحشرات المؤذية فلها وعليها، يبقى أن الأصل في مثل هذا الجواز، لكنها لا تباع ولا تشترى، لا يدفع فيها الأموال، وقد نهى عن ثمن السنور، وأما إطعامها للميتة فلا مانع منه؛ لأنها تأكل ما لا يجوز أكله من غير نكير، تأكل الفئران، وهو في حكم الميتة.
وهذا من أمريكا يقول: جاري مشترك في إنترنت لا سلكي وبثه يصل إلى جهازي فهل يجوز لي أن أستخدمه من غير إذنه؟
هذا تقدم الجواب عليه.
سم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، أما بعد:
عن أبي حمزة أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) رواه البخاري ومسلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثالث عشر:
"عن أبي حمزة" هذه كنية أنس بن مالك، خادم النبي -عليه الصلاة والسلام-، لما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- المدينة، وكان عمر أنس في ذلك الوقت عشر سنين، جاءت به أمه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقالت: إن ابني هذا يريد أن يخدمك، فخدم النبي -عليه الصلاة والسلام- عشر سنين إلى وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وكان سنه عند وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- عشرين سنة، عشر وعشر، استفاد من قربه من النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يفده غيره، وإن لم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- مثل ما حفظ أبو هريرة.
على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم والله المعطي، ومع ذلك دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بكثرة المال والولد والبركة، فبورك له في ذلك كله، فطال عمره إلى سنة ثلاث وتسعين من الهجرة، ومات عن مائة وثلاث سنين، مناقبه وفضائله لا تكاد تحصى، على كل حال هو خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- له هذه المزية، وهذه المنقبة يشاركه بعض الصحابة في شيء من الخدمة، لكنه متفرغ لخدمة النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) رواه البخاري ومسلم" ((لا يؤمن)) الأصل في النفي نفي حقيقة الشيء، لكن النفي هنا لا ينفي حقيقة الإيمان، ولا أصل الإيمان، إنما ينفي كمال الإيمان الواجب، كما يقول أهل العلم، بدليل أن من لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه أنه لا يخرج بذلك عن دائرة الإيمان بل هو مؤمن، ولا يخرج بذلك عن دائرة الإسلام بل هو مسلم، لكنه ارتكب هذا الإثم، وهذا الذنب ونقص من إيمانه بقدر ذلك، فالمنفي هو كمال الإيمان.
((لا يؤمن أحدكم حتى يحب)) فيصل إلى هذه الغاية، لا يكمل الإيمان حتى يصل إلى هذه الغاية مع غايات أخرى جاء فيها نفي كمال الإيمان، حتى يصل إليها، ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه)) ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه)) الأحاديث في هذا كثيرة دليل على أن هذه من فروع الإيمان، ومن شعب الإيمان، لا تؤثر في أصل الإيمان وارتفاع أصل الإيمان، وإنما تؤثر في كماله وتخدش في تمامه.
((حتى يحب لأخيه)) لأخيه المسلم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [(10) سورة الحجرات] يحب للمسلمين، ومنهم من يقول، من أهل العلم من يرى أن هذا اللفظ يتناول جميع الناس، المسلم وغير المسلم؛ لأنه مفرد مضاف فيعم، نعم هو يعم جميع الإخوة، لكن من أهل العلم من يرى أنه يعم جميع الجنس، فيحب للكافر أن يسلم، ولا شك أن هذا مطلوب، هذه وظيفة الرسل، ووظيفة أتباعهم، الدعوة إلى الإسلام لإنقاذ البشرية من الضلال إلى الهدى، من النار إلى الجنة هذا مطلوب، لكن هل يدخل في هذا الحديث أو يدل عليه نصوص أخرى؟ هذا الكلام، وإلا كونه مطلوب مطلوب ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من)) إيش؟ من يضبطها لنا؟
طالب:......
حُمُر كذا؟ حُمُر جمع حمار، حُمْر جمع أحمر وحمراء، يعني غالية عند أهلها، والنعم جمع بهيمة الأنعام، نعم؟
طالب:......
هاه؟
طالب:......
الميم ساكنة حمْر.
طالب:......
نعم صحيح.
فهذا مطلوب أن تسعى لإنقاذ غير المسلمين من الكفر؛ لتكسب الأجور العظيمة، وهم أيضاً تكون رحمة لهم، كما بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- رحمة للعالمين، فهذا مطلوب، ومطلوب أيضاً إنقاذ المسلم من المخالفات التي تعرضه للعقوبة في الدنيا والآخرة، تحب لأخيك المسلم، تحب لأخيك في النسب، تحب لأخيك فيما هو أعم من ذلك، وإن كان الحصر في قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [(10) سورة الحجرات] يدل على أن غير المسلم ليس بأخ لك ولو كان ابناً لأمك وأبيك.
((حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) يحب لأخيه ما يحب لنفسه من أمور الدين والدنيا، يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، إذاً طلب المنافسة والمسابقة والمسارعة ألا تقتضي أن تحب لنفسك أكثر مما تحب لأخيك؟ لأنك إذا أحببت لأخيك نظير ما تحبه لنفسك أين المنافسة؟ أين المسابقة؟ مسابقة مفاعلة من طرفين، كل واحد يحرص على أن يسبق الآخر، ومقتضى ذلك أن تحرص على أن تسبق أخاك {وَسَارِعُواْ} [(133) سورة آل عمران] {سَابِقُوا} [(21) سورة الحديد] فأنت من خلال هذه الأوامر بالمسارعة والمسابقة مطلوب منك أن تسبق أخاك، وأن تسرع إلى الخير قبل أخيك، هذا مقتضى المسارعة والمسابقة، ومن لازم ذلك أن تحرص على أن تسبقه وأن تصل إلى الخير قبله، هل فيه ما يضاد هذا الحديث أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ يعني مقتضى المسابقة مقتضى المسارعة يعني مقتضى المسابقة أن تسبقه بالخير، وتحرص على سبقه، ومن لازم ذلك أن يكون دونك في هذه المسابقة، ومقتضى المسارعة أن تصل إلى الخير قبله، ومن لازم ذلك ومن مفهومه أن يتأخر عنك، فأنت مأمور بتحقيق هذه الأوامر، ومن لازمها أن تتقدم عليه، وأن يتأخر عنك، فهل في هذا ما يعارض ما يدل عليه الحديث؟ في وإلا ما في؟
طالب: لا يعارضه.
كيف؟
طالب:......
أنت ما أنت مطالب بالمسابقة؟ ومن لازم هذا الطلب أن تحقق السرعة وتحقق السبق، وتحرص على السبق، ومن لازمه أن يتأخر أخوك عنك، يعني إذا قيل لك: سارع وسابق هل تتمنى أن يسبقك أخوك؟
طالب: لا أتمنى.
أو يسير معك؟
طالب: أن أتقدم عليه.
إذاً هو يتأخر عنك.
طالب:......
نعم؟
طالب:......
ما أسمعك.
طالب:......
فرق؟
طالب:......
إيه.
طالب:......
نعم؟
طالب:......
نافس أبا بكر نعم، نافس أبا بكر فجاء أبو بكر بجميع ماله وجاء عمر بنصف ماله، هذه منافسة ومسابقة ومسارعة في الخير، نعم؟
طالب:......
والله يا الإخوان الظاهر أن البلاء بي، ما أسمع.
طالب:......
المنافسة مطلوبة، المسابقة مطلوبة، المسارعة مطلوبة، لكن هل من لازم هذه المنافسة ومن لازم هذه المسابقة ومن لازم هذه المسارعة أن تحرص على أن تسبقه وتحرص على أن تصل إلى الهدف قبله، وأن تقدم أكثر مما قدم فيتأخر عنك؟
طالب: نعم يتقدم وأنا أتقدم، لكن لا يلزم أن يكون هو... أن يتأخر عني، قد يتقدم عني.
ويش لازم السبق؟
طالب: كلها النية.
ويش لازم السبق؟ أن تسبقه، ويش المفهوم من أن تسبقه؟
طالب: المسابقة والمسارعة في العمل.
أن يتأخر عنك، ما يفهم منه أن يتأخر عنك؟
طالب: لا.
لا، مسابقة مسارعة، ويش معنى السبق؟
طالب: قد يسبق أحياناً، وقد أسبق أنا، قد تكون نيته هو تختلف عن نيتي، فهنا النية داخلة دخول أولي في العمل.
يعني لا تتأثر إن وصل إلى الهدف قبلك؟
طالب: لا، في الخيرات؟
إيه.
طالب: هذا يدعوني إلى التنافس والمسارعة.
نعم؟
طالب:......
لا، يعني ما يلزم منها المشاحنة، ولا حسد، ولا شيء، هي مسألة حث على المبادرة إلى الخيرات، والمسارعة والمنافسة والمسابقة تكون بين طرفين فأكثر، ووجد شيء من هذا في الواقع العملي لبعض السلف، يتنافسون في صيام الهواجر، في قيام الليل، في التلاوة، وفي غيرها من أجل أن تشحذ الهمم؛ لئلا يسبق إلى الخيرات، على كل حال الحديث محكم، وإن كان أيضاً ثقيل على كثير من النفوس، يعني كثير من النفوس مثل هذا الأمر في غاية الصعوبة الحقيقة، تحب لأخيك ما تحب لنفسك، هذا ثقيل على كثير من النفوس لا سيما التي فيها شيء من الدخل والتخليط، أما النفوس والقلوب السليمة فإن هذا أمر يسير عليها، يعني لا يضيرك، بل تفرح بما يحصل لأخيك المسلم مما تفرح به لنفسك، وبعض القلوب التي فيها دخل، وفيها دخن، وفيها دغل هذه يسوءها ما يسر غيره من الناس، ولا شك أن هذا ضرب من الحسد المذموم الذي جاءت النصوص بذمه.
((حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) الطالب، طالب العلم يعني في الدراسات المعروفة التي فيها الترتيب على حسب المكتسب من العلم، الذي ترتيبه الأول هل يتمنى لجميع زملائه ويحب لجميع زملائه أن يكون كل واحد منهم الأول؟ الأول مكرر؟ نعم؟
طالب:......
نعم إذا كان طلبه للعلم لله، ولا يرجو من وراء ذلك أمر دنيوي، قد يتمنى هذا، إذا كان قلبه سليماً، وطلبه للعلم خالص لله يتمنى ذلك؛ لأن هذا مما يقربه إلى الله -جل وعلا-، وهذا مقصد عنده، لكن إذا كانت المنافسة من أجل الدنيا، تمنى أن يكون الأول على دفعته من أجل أن يحقق من أغراض الدنيا قبل الثاني وقبل الثالث، إذا كانت المسألة دنيوية فيتصور مثل هذا، وقد يغفل الإنسان، وقد لا يكون له هدف لا دنيا ولا آخرة ويحب أن يكون الأول ويتقدم على غيره بناءً على ما جبل عليه الإنسان من حب للشرف، لكن على المسلم لا سيما طالب العلم ألا يغفل عن هذه الحديث؛ لأنه لو غفل عنه وقع في المخالفة شعر أو لم يشعر.
ولا شك أن هذه منزلة عالية، كون الإنسان يصل على هذا الحد، وأن الخير يصل إليه، أو يصل إلى غيره من المسلمين على حد سواء، هذه مرتبة عليا، صعبة على كثير من الناس، ولا تتحملها كثير من النفوس، لكن مع ذلك إذا ربى الإنسان قلبه على التوجيهات الإلهية والتربية النبوية لا شك أنه لا يهتم بمثل هذا، بل يفرح بما يحصل لأخيه من الخير كما يفرح به لنفسه، ويسوؤه ما يحصل لأخيه من السوء ما يسوؤه إذا حصل له بنفسه.
((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) (ما) من صيغ العموم، كل ما يحبه لنفسه يحبه لأخيه.
الأصل في المسلم المؤمن الذي يفهم من قوله: ((لا يؤمن)) أنه لا يحب إلا الخير، ويكره الشر، لكن قد يوجد عند بعض المسلمين من المخالفات التي وصل به الأمر إلى أن يحبها، يحب بعض المحرمات، فهل مثل هذا يدخل في الحديث ((ما يحب لنفسه)) يحب هذا المحرم، يحب شرب الخمر مثلاً فهل نقول: إنه لا يؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من هذا المحرم؟ لا؛ لأن الأصل في المسلم والمؤمن الذي يفهم من ((لا يؤمن)) أنه لا يحب إلا ما يقربه إلى الله -جل وعلا-، وعليه أن يبغض ما يبعده من الله -جل وعلا-، فهو وإن أحب بعض المحرمات وبعض المنكرات، وبعض المظاهر المخالفة للشرع، فإن هذه المحبة ليست شرعية، فلا تدخل في الحديث، هناك بعض الأمور المباحة، يحبها بعض الناس، ويغرم بها، كمحبة بعض متع الدنيا، هذا مفتون بالإبل، وهذا مفتون بالغنم، وهذا مفتون بالبقر، وهذا بالسيارات، وهذا كذا، هل مما يدخل في هذا الحديث أنك إذا كنت تحب السيارات الفاخرة أن تحب لجميع المسلمين أن يركبوها، أو يلبسوا أفخر الثياب، أو يأكلوا أطيب المطاعم؟ أو أنت تحب الإبل تتمنى لجميع المسلمين مثل ما تحبه لنفسك من أن يكون عندهم إبل؟ المقصود أن تحب له ما يقربه إلى الله -جل وعلا-، وتكره له كل ما يسوؤه، كل ما يسوؤه تكرهه له.

سكربت الأربعين النووية - لأجلك محمد صلى الله عليه وسلم