Bookmark and Share 




شرح الحديث الثالث والعشرون من أحاديث الأربعين النووية

للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى



تابع الدرس
12 من الحديث 17 إلى 23


قال المؤلف -عليه رحمة الله-:
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الطَهور شطر الإيمان، والحمد لله))...
الطُهور.
((الطَهور شطر الإيمان))
الطُهور.
((الطُهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها)) رواه مسلم.
يقول -رحمة الله عليه- في الحديث الثالث والعشرين من هذه الأربعين المباركة يقول: "عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الطهور شطر الإيمان))" والمراد به التطهر، والطَهور هو الماء الذي يتطهر به، لكن المراد به فعل التطهر، ويراد به طهارة الظاهر وطهارة الباطن، طهارة الجوارح، وطهارة القلب.
((شطر الإيمان)) يعني نصف الإيمان، الذي لا يتطهر لا ظاهراً ولا باطناً، لا شك أن الطهور شرط لصحة الصلاة، وهذا شأنه عظيم، الذي يصلي بلا طهارة صلاته باطلة ((شطر الإيمان)) لكن هل يكفي الشطر الثاني دون الشطر الأول؟ يكفي نصف الإيمان؟ هاه؟ لا، لا يكفي؛ لأن الصلاة مردودة بدون الطهور ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) ((لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول)).
((الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان)) الحمد لله هذه الكلمة وصف الرب -جل وعلا- بصفات كماله ونعوت جلاله مع حبه وتعظيمه، هذه تملأ الميزان، وكثير من أهل العلم يعرف الحمد بأنه الثناء، وهذا رده ابن القيم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- غاير بين الحمد والثناء، في حديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى علي عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي)) فالثناء غير الحمد، واختار ابن القيم أن الحمد وصف الرب -جل وعلا- بصفات الكمال ونعوت الجلال مع الحب والتعظيم له.
((الحمد لله تملأ الميزان)) كلمة ليس لها وزن يعني حسي، الكلام معنوي ليس له وزن حسي، ولا يمنع في قدرة الله -جل وعلا- أن تجسد هذه المعاني، وتوضع في كفة الميزان، كما جاء في البقرة وآل عمران، ((كأنهما غمامتان أو غيايتان تحاجان عن صاحبهما)) السموات والأرض قالتا: أتينا طائعين، القدرة الإلهية لا يقف دونها شيء، فتجسيد المعاني أمر سهل أمام هذه القدرة العظيمة.
((والحمد لله تملأ الميزان)) والميزان الذي له كفتان ولسان، هذا معتقد أهل السنة، وأنه حقيقة توزن به الأعمال، وإن كان المعتزلة ينكرون الميزان، ويرون أنه أمر معنوي، هو عبارة عن العدل ((تملأ الميزان)) إذا كانت كلمة هذه كلمة الحمد لله، يعني هي كلمة يسيرة جداً لا تكلف شيء، وأنت على وضعك تقول: الحمد لله تملأ الميزان، لكن كم من محروم ممن يعرف هذا الكلام ويسمع هذا الكلام، ويحرم النطق بهذه الكلمة وبغيرها من الباقيات الصالحات التي هي غراس الجنة.
((والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن)) هاتان الجملتان: ((تملآن، أو تملأ)) يعني شك من الراوي ((ما بين السماء والأرض)) يعني كم بين السماء والأرض؟ مسيرة خمسمائة عام، تصور الأرض ما هي بأرضك أنت التي توجد فيها، جميع الأرض المبسوطة هذه وما بينها وبين السماء سبحان الله والحمد لله تملآنه.
طالب:......
ترى ما بقي إلا شوي.
طالب:......
تملآن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام كلمة أو كلمتين فضل الله لا يحد، وجوده لا يقدر قدره، ((والصلاة نور)) وهذا النور ملاحظ على وجوه المصلين، وظاهر عليها وبين، وجاء في الخبر مما لا تصح نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار)) والشاهد الواقع، الواقع يشهد بذلك، وإن لم تصح نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
((والصدقة برهان)) دليل قطعي على صدق صاحبه، على صدق إيمانه؛ لأن النفوس جبلت على حب المال، فكون الإنسان يخرج هذا المال طيبة به نفسه، لا شك أن هذا دليل قاطع، برهان ساطع على صدق إيمانه.
((والصبر ضياء)) الصبر على الطاعة، الصبر عن المعصية، الصبر على الأقدار المؤلمة لا شك أنه ضياء ينير الطريق لصاحبه، لكن فيه نوع مشقة؛ لأن الله -جل وعلا- وصف الشمس بأنها ضياء، والقمر نور، فضياء الشمس معه شيء من الإحراق بخلاف نور القمر، ((الصلاة نور)) ليس فيها مشقة، لكن الصبر في كثير من أحواله فيه مشقة، ولذا وصف بما وصفت به الشمس، ففيه مع كونه ينير البصيرة وينير الطريق إلا أنه فيه شيء من الشدة.
((والقرآن حجة لك أو عليك)) القرآن كلام الله المنزل على نبيه -عليه الصلاة والسلام- بواسطة جبريل، المحفوظ بين الدفتين، الذي من قام يقرأه كأنما خاطب الرحمن بالكلم، هذا أنت تقرأ، ولا يخلو إما أن يكون حجة لك، إذا كنت مؤمناً به مصدقاً بجميع ما فيه، عامل بأوامره، مجتنب لنواهيه، هذا حجة لك يوم القيامة، أو حجة عليك، إذا أخذته وحفظته ونمت عنه، ونمت عن الصلاة، أو فعلت ما يخالف من أوامره ونواهيه، فإنه يكون حينئذٍ حجة عليك.
((كل الناس يغدو)) ما في أحد ما يغدو، إذا أصبح الناس انتشروا في الأرض لطلب الرزق، لكن بعض الناس غدوه لمصلحته، وبعض الناس غدوه وبال عليه ((فبائع نفسه)) وكلهم يبيعون النفس، فإما أن تبيعها إلى الله -جل وعلا-، فتعتقها من ناره، أو تبيعها إلى الشيطان بفعل المعاصي والجرائم والمنكرات فتوبقها في النار -نسأل الله السلامة والعافية-.
((كل الناس يغدو)) كل الناس يتعبون {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ} [(104) سورة النساء] {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ} [(140) سورة آل عمران] كل الناس تتعب، لكن الذي تعبه يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه هذا الذي يعتق نفسه، أما الذي تعبه يعود وبالاً عليه فهذا يوبقها في النار، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد....
يعني كأن العزيمة اتجهت إلى إنهاء الكتاب؛ لأن كثير من الإخوان ملوا، يعني كتاب صغير يحتاج إلى سنين، نكمل لهم الكتاب.
طالب:......
جزاكم الله خير، بارك الله فيكم.
أقول: إن استطعنا أن نكمله في اليومين الباقيين وإلا إن احتجنا الخميس أخذناه، والغالب أننا على هذه الطريقة نكمله في غداً والذي يليه -إن شاء الله تعالى-.
اللهم صل على محمد وعلى آله....




سكربت الأربعين النووية - لأجلك محمد صلى الله عليه وسلم