Bookmark and Share 




شرح الحديث الثاني والأربعون من أحاديث الأربعين النووية

للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى



تابع الدرس
(14) من الحديث 32 إلى 42

قال المؤلف -عليه رحمة الله-:
عن أنس -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في آخر الأحاديث:
"عن أنس -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا آخر ما في الكتاب من الأحاديث، يقول: ((قال الله تعالى: يا ابن آدم)) وإذا أضيف الابن إلى جنس يشترك فيه الناس أو فئام من الناس فإنه يشمل الذكور والإناث، فيشمل الذكور والإناث وإلا فالأصل أن الابن خاص بالذكر، والبنت بالأنثى، فإذا قيل: ابن زيد، فالمراد ولده الذكر، بخلاف ما يقال: ابن آدم، فإنه يشمل، كما أذا أوصي إلى بني تميم مثلاً، فإنه يشمل الرجال والنساء، لكن إذا أوصي إلى بني فلان فإنه يختص بالأبناء دون الإناث، وهنا يقول: يا ابن آدم مما يشمل الذكور والإناث، والإناث في عموم خطابات الشرع تدخل في خطاب الرجال.
((يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني)) يعني الدعاء {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] عرفنا فيما تقدم أن الدعاء له أسباب للقبول، أسباب وهناك موانع، فلا بد من توافر الأسباب، وانتفاء الموانع، ومع ذلك من الأسباب اقتران الدعوة بالرجاء، ما يدعو الإنسان وقلبه غافل ساهي، فإنه حري ألا يستجاب له إذا غفل، لكن إذا اقترن مع الدعاء الرجاء وحضور القلب ((غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي)) الله -جل وعلا- يقبل التوبة ويغفر لمن استغفر له، ((ولا أبالي)) يعني لا أهتم بذلك؛ لأن هذا لا يثقله -جل وعلا-، ولا يكرثه، ولو اجتمعوا كلهم في صعيد واحد واستغفروا غفر لهم، لو طلبوا أعطاهم، ولا ينقص ذلك من ملكه شيئاً كما تقدم.
((يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء)) أذنبت الذنوب الكثيرة العظيمة التي ملأت الأرض وارتفعت إلى عنان السماء، إلى السحاب، إلى الأفق فإنك يقول: لو بلغت ذنوبك كثرة إلى عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، لكن بالشروط المعروفة، مع انتفاء الموانع المعروفة، غفرت لك ((يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض)) يعني بملء الأرض أو بما يقارب ملئها ((خطايا، ثم لقيتني)) بشرط ((لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)) لا تشرك بي شيئاً نكرة يشمل قليل الشرك وكثيره، صغيره وكبيره، وبهذا يستدل جمع من أهل العلم أن الشرك الأصغر لا يغفر {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] الكبائر كلها تحت المشيئة، لكن الشرك لا يقبل المغفرة، لكن الفرق بين الشرك الأصغر والذنوب أنه لا بد من أن يعذب عليها، والفرق بينه وبين الأكبر أن صاحب الشرك الأكبر مخلد في النار، لكن صاحب الشرك الأصغر إذا عذب مآله إلى الجنة.
((لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وهذا يبين عظمة التوحيد، وتحقيق التوحيد، وتصفية التوحيد من شوائب الشرك صغيره وكبيره، من البدع من المعاصي ليدخل الجنة وينجو من النار، وهنا أيضاً وعيد لمن لا يشرك بالله شيئاً، يعني جميع صور الشرك كفيلة بأن يغفر للإنسان ما اقترفه من ذنوب، قد يقول قائل: إما أنه قد لا يكون مشرك، لكنه يرتكب محرمات قد يترك الصلاة ولا يشرك، نقول: لا، إذا ترك الصلاة فهو مشرك، لماذا؟ لأنه اتخذ إلهه هواه، ولذا جاء في الحديث: ((بين الكفر وبين الشرك ترك الصلاة)) فلا يرد على هذا أنه إذا كان لا يشرك لكن لا يصلي أنه يغفر له عند من يقول بكفر تارك الصلاة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب:......
ما في شيء خلاص انتهينا.


سكربت الأربعين النووية - لأجلك محمد صلى الله عليه وسلم