Bookmark and Share 


الفوائد المستنبطة من الأربعين النووية

فوائد الحديث السادس البعد عن مواطن الشبهات

فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله




عن أبي عبدِ اللهِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ - رَضِي اللهُ عَنْهُما - قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: ( إنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُـهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وهِيَ الْقَلْبُ ). رواه البخاريُّ ومسلِمٌ.

الشرح :
الحديث أصل من أصول الدين في الحلال والحرام، وفيه من الفوائد :
1- تقسيم الأشياء من حيث الحل والحرمة إلى ثلاثة أقسام : حلال بيِّن وحرام بيِّن ومشتبه، وهذا التقسيم شامل للمطاعم والمشارب والملابس والمناكح والعبادات والمعاملات. والحرام منه ما حُرِّم لحق الله كالميتة والدم والخنزير، ومنه ما حُرِّم لحق العبد كالمغصوب والمسروق. والحلال منه ما نص الشرع على حلِّه كبهيمة الأنعام وصيد البحر، ومنه ما سكت عنه الشرع مثل أنواع الطير مما ليس له مخلب. والمشتبه ما تجاذبته الأدلة أو مقتضِيات الحلّ والحرمة، فيشكل حكمه على كثير من الناس ويتبين حكمه لأهل العلم، فإما حلال أو حرام فما تبيّن للعالم حلُّه التحق عنده بالحلال البين وما تبين له تحريمه التحق عنده بالحرام البيّن.
وعلى هذا فقد يرى العالم حل ما يرى العالم الآخر تحريمه. ومردّ هذا إلى اجتهادهما، فمن أصاب منهما فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد، وخطؤه مغفور، وعلى المقلد أن يقتدي بأعلمهما وأوثقهما حسبما ظهر له مع التجرد عن الهوى والتعصب.
2- أن من الحلال ما هو بين تعرفه العامة والخاصة، ومن الحرام ما هو بين تعرفه العامة والخاصة، فمن الأول الأكل والشرب مما يخرج من الأرض، ومن الثاني الزنى وشرب الخمر.
3- فضل العلم الذي به الفرقان بين الحق والباطل والحلال والحرام.
4- الإرشاد إلى اتقاء المشتبهات، وهي ما حصل فيه التردد في حله وحرمته.
5- أن في اجتناب الشبهات احتياطاً للدين والعرض بالسلامة من الوقوع في الحرام.
6- أن الإقدام على المشتبهات سبب للوقوع في الحرام.
7- أن من طرق البيان ضرب الأمثال وتشبيه المعقول بالمحسوس.
8- أن المتسبب في إتلاف مال الغير بماشيته ضامن له.
9- أن الاقتراب من الحمى والمحظور سبب للوقوع فيه.
10- أن من عادة الملوك أن يكون لهم حمى يمنعون الناس منه بحق أو بغير حق.
11- أن لملك الملوك سبحانه حمى، وهو ما حرَّم على عباده كالفواحش ما ظهر منها وما بطن.
12- وجوب اجتناب محارم الله.
13- وجوب اجتناب الأسباب المفضية إلى المحرمات.
14- أن مدار الصلاح والفساد في الإنسان على القلب، وسائر الجوارح تابعة له صلاحاً أو فساداً.
15- أن صلاح الباطن يستلزم صلاح الظاهر، وفساد الظاهر يستلزم فساد الباطن. وقد يصلح الظاهر مع فساد الباطن كحال المنافق والمرائي.



سكربت الأربعين النووية - لأجلك محمد صلى الله عليه وسلم